القائمة الرئيسية

الصفحات

البرلمان العربي يدعو لتشريعات معاصرة وشراكات مقننة لمواجهة الإرهاب الإلكتروني

 


كتب.. راضي نادي

أكد البرلمان العربي أن الإرهاب بتطوره الرقمي أصبح يهدد الأمن الفكري والمجتمعي، ولا يقل خطرًا عن التهديد العسكري المباشر، محذرًا من أن التنظيمات الإرهابية باتت تستخدم أدوات التكنولوجيا الحديثة في التجنيد وبث أفكار التطرف عبر منصات التواصل الاجتماعي والفضاء الافتراضي، إضافة إلى التمويل عبر العملات الرقمية ووسائل الدفع الإلكتروني التي يصعب تعقبها، والتخطيط والتنفيذ باستخدام تطبيقات التشفير، مما يعقد من مهمة أجهزة الأمن في ملاحقتها.


جاء ذلك خلال مشاركة البرلمان العربي في المؤتمر البرلماني حول مكافحة الإرهاب، الذي نظمه مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع مجلس الشورى القطري في مدينة إسطنبول التركية.


وألقت معالي النائبة جيناب صمب كورك عضو البرلمان العربي مداخلة في الجلسة المخصصة لموضوع "معالجة التهديدات الناشئة عن الاستخدام التكنولوجي في مجال الإرهاب"، أكدت فيها أن مواجهة هذا الخطر النوعي لا يمكن أن تقتصر على الوسائل الأمنية فقط، بل يجب أن يكون للبرلمانات دور فاعل من خلال تشريعات عابرة للحدود تواكب سرعة التطور التكنولوجي وتغلق الثغرات القانونية التي تستغلها الجماعات الإرهابية.


ودعت كورك إلى إطلاق مبادرات تشريعية دولية لوضع أطر قانونية تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الناشئة، بحيث تمنع إساءة استغلالها دون أن تكبح إمكاناتها الإيجابية، مشددة على أهمية تأسيس شراكات مسؤولة ومقننة مع الكيانات التكنولوجية الكبرى، وإلزامها بالمسؤولية المجتمعية في مراقبة المحتوى الإرهابي وإزالته بسرعة.


وأشارت النائبة إلى تجربة الجمهورية الإسلامية الموريتانية في مكافحة الإرهاب، موضحة أنها تقوم على مقاربة شمولية تجمع بين الأمن الصارم والإصلاح الفكري عبر برامج محاورة العلماء مع الشباب المتأثرين بالفكر المتطرف، إلى جانب الإصلاحات القانونية والسياسات الاجتماعية للوقاية من التطرف ومعالجة أسبابه، وهي التجربة التي حظيت بإشادة دولية وإقليمية كنموذج ناجح في التصدي للإرهاب.


وفي مداخلة أخرى، استعرض معالي النائب جامع عسكر عضو البرلمان العربي جهود البرلمان في هذا المجال، مؤكدًا أنه أولى اهتمامًا كبيرًا بموضوع الاستخدام الآمن للتكنولوجيا الحديثة، وأصدر أول قانون عربي موحد لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي، ليستعين به المشرعون العرب في إعداد وتحديث قوانينهم الوطنية ذات الصلة.


كما أشار إلى أن البرلمان العربي أصدر وثيقة مهمة بعنوان "رؤية برلمانية عربية لتحقيق التوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي"، تضمنت رؤى حول حوكمة الذكاء الاصطناعي وضمان بقائه بعيدًا عن أيدي التنظيمات الإرهابية.


وشدد عسكر على أن القضية ليست تقنية فقط، بل أخلاقية وقانونية أيضًا، محذرًا من أن التكنولوجيا التي تُستخدم اليوم في التنمية والابتكار قد تُستغل غدًا في الإرهاب أو الإبادة، مما يضاعف مسؤولية البرلمانيين في الدعوة لوضع ميثاق دولي ملزم يحظر توظيف التكنولوجيا الحديثة في الإرهاب أو الاحتلال أو انتهاكات حقوق الإنسان.


واختتم مداخلته بالتأكيد على أن حماية الأجيال القادمة من الإرهاب الرقمي مسؤولية لا تحتمل التأجيل، داعيًا البرلمانات إلى أن تكون في موقع المبادرة لوضع أسس تشريعية قوية تحصن المجتمعات وتجعل من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أدوات للسلام والتنمية لا أسلحة بيد الإرهاب والعدوان.





تعليقات